العمل في الإسلام
الدكتورة: سلوى عزازي
المكتبة الإلكترونية الشاملة جوار
2006
وقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلَى والِدَيَّ وأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وأصلي وأسلم على خير هاد الذي علمه ربه فعلم وعلم، وعلى آله وصحبه وسلم0
أما بعد
مازلنا مع ما يعانيه المجتمع من مشكلات صارخة تتصدرها البطالة التي تنخر في عصب المجتمع، وتهدده بالدمار، حينما ينحرف الشباب لأسباب منها:
1. عدم العثور على عمل مما يجعل الشاب لديه وقت فراغ يذهب فيه إلى المقاهي والكوفي نت، ويتعرف على رفاق سوء بدلا عن العمل0
2. عدم العثور على عمل يجعل الشاب لا تتوافر لديه الإمكانات المادية اللازمة لسير الحياة الطبيعية، مما يجعله يسلك طرقا غير مشروعة للليش كدا مانبغا سبب0
3. ضعف المستوى المادي يقلل من فرص الزواج الشرعي لعدم توافر الإمكانات اللازمة للزواج مما يؤدي إلى الانحرافات الجنسية0
4. عدم وفاء الزوج باحتياجات المنزل المادية يؤدي إلى تحميله للزوجة عبء الإنفاق على المنزل إضافة إلى أعبائها مما يرهقها، ويؤدي في معظم الأحيان إلى ظاهرة الطلاق كما حدث بالنسبة للمعلمات حينما بدأن في تقاضي مكافأة الامتحانات، ونشبت الخلافات بينهن وبين أزواجهن بسبب رغبة الزوج في الاستيلاء على المكافأة، ورفض الزوجة لذلك0
5. هذا التدني في المستوى المعيشي أدى إلى وجود ظاهرة أطفال الشوارع مثل حادث"التوربيني" الذي يشغل الرأي العام0
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكن التصدي لهذه المشكلة؟
والحديث عن البطالة له شقان: شق خاص بالدولة وما توفره للشباب من فرص عمل، "فقد أحس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقيمة دور الدولة في علاج مشاكل البطالة، وما يترتب عليها من انحراف، وانتشار للسرقات وغيرها حين قال: لبعض ولاته إن الله قد استخلفنا على خلقه لنسد لهم جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، إذا وفيناهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذي الأيدي خلقت لتعمل فإن لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية أعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية" .
والآخر خاص بالمجتمع، وحتى يستطيع المجتمع التوصل لحل أية مشكلة ينبغي عليه أولا فهم الأسباب التي أدت إلى تفاقمها، ومن الأسباب التي أدت إلى البطالة في المجتمع المصري:
1. زيادة عدد السكان مع قلة الموارد مما أدى إلى وقف التعيينات في الوظائف الحكومية0
2. نظرة المجتمع للوظيفة الحكومية على أنها الضمان الوحيد للمستقبل، وبالتالي التراجع عن العمل خارج الوظيفة الحكومية0
3. احتقار المجتمع لبعض المهن مما أدى إلى الابتعاد عن العمل بها رغم أهميتها0
4. وجود معوقات للعمل من بينها:
(أ) تكاسل موظفي الدولة في أداء الخدمات نتيجة الشعور بضعف المرتبات، مما أدى إلى استخدام عبارة" فوتو علينا بكرة"وبكرة في نظرهم قد يصل إلى ما لا نهاية في بعض الأحيان، وحتى تشعر بفظاعة هذه العبارة تخيل أنك مسافر إلى بلد خارج مصر، وذهبت لتوثيق أوراق السفر؛ فقيلت لك هذه العبارة في موعد يترتب عليه ضياع موعد الطائرة0
(ب) وجود فجوة بين منظري القوانين، والمجتمع الذي تطبق عليه هذه القوانين0
(ج) كثرة الضرائب وفوائد البنوك مع ضعف الخدمات مما يعرقل المشروعات الصغيرة0
ومعا نخطو نحو الإيمان؛ فمن المتعارف عليه أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، أي أن العمل أساس العبادة، ويدل على ذلك قوله تعالى: قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)[الحجرات:14] فقد نفى عنهم الإيمان لأن إيمانهم لم يصدق بالعمل مع نطقهم بالشهادتين0
والسؤال الآن: لماذا اهتم الإسلام بالعمل؟
والإجابة أن العمل هو المعيار الوحيد الذي يمكن الحكم من خلاله على ما يكسبه الإنسان في الحياة سواء كان عملا دنيويا أم يهدف إلى الآخرة، فالعمل الذي يقوم به الإنسان هو الشيء الوحيد الذي يرافقه حتى بعد الموت، فقد قال عليه السلام " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له "[ رواه مسلم]، كما أن العمل هو الذي يميز إنسان عن آخر في الحياة الدنيا، ويليش كدا مانبغا سبب الإنسان الثقة بالنفس، يرفع قيمة المجتمع لأن الله تعالى يريد أن تكون أمة الإسلام قوية حتى تستطيع الصمود أمام أعدائها، لذلك يقول الشاعر:
مجـد البـلاد بالشباب العاملين
والاجتهاد للعلا نهــج مبـين
إن العمـل يحي الأمل
سر الوجود فيه نسود
في العالمين
ومن فوائد العمل ما يلي:
1. إشباع الحاجات النفسية للإنسان كالحاجة إلى إثبات الذات، والشعور باحترام الآخرين0
2. توفير المتطلبات المادية بطرق مشروعة تحفظ ماء الوجه0
3. زيادة حركة الإنتاج مما يؤدي إلى تنشيط اقتصاد البلد0
4. استقرار أمن المجتمع نتيجة انشغال الشباب بالعمل المثمر مما يؤدي إلى تلاشي الجرائم والانحرافات0
5. ارتقاء المهن وبناء حضارة المجتمع، قال تعالى: وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ
